خلك معتدل.. لا تكبت ولا تنفجر: عن التعبير عن المشاعر السلبية
يا كثر ما تمر علينا مواقف ترفع الضغط، وتخلي الواحد يضيق صدره ويحس إنه على وشك ينفجر! من زعل بسيط، أو خيبة أمل، أو حتى تراكمات من أيام راحت، كلنا كبشر نمر بمشاعر سلبية من وقت لثاني. لكن السؤال اللي فعلاً مهم: كيف نتعامل مع هالمشاعر؟ هل نكتمها؟ نصرّخ؟ نعاتب؟ ننسحب؟ ولا فيه طريق أهدى وأعقل؟
في الحياة، الاعتدال هو مفتاح راحة البال، حتى في التعبير عن الزعل أو الغضب أو أي شعور مو مريح. لا تبالغ في الكتمان، ولا تخلّي مشاعرك تفلت منك وتخرب عليك علاقاتك أو تسيء لصورتك قدام الناس. الاعتدال هنا يعني إنك تعبر عن اللي جواتك، بس بطريقة واعية، هادية، ما تكسر ولا تجرّح أحد، ولا تترك الشي جوّاك يعفّن.
أول شيء: المشاعر السلبية مو عيب
خلينا نتفق على نقطة: الشعور بالحزن، الغضب، القهر، الضيق... كلها مشاعر إنسانية. مو غلط إنك تحس، ولا ضعف إنك تمرّ بيوم مو على مزاجك. بالعكس، الشخص اللي يقدر يسمّي مشاعره ويعترف فيها هو شخص عنده وعي ذاتي عالي.
بس المشكلة تبدأ لما نخلي هالمشاعر تسيطر علينا، أو نتصرف بناءً عليها بدون ما نفكر. مثلاً، إنك تعصب وتجرّح أحد بكلام جارح، أو تنفجر قدام أهلك أو أصحابك، وبعدها تندم. أو إنك تكتم المشاعر لدرجة تبدأ تطلع عليك بأشكال ثانية، زي التوتر، الصداع، أو حتى الأرق.
طيب، كيف أكون معتدل؟
الموضوع ما يحتاج دكتور نفساني عشان تفهمه، بس يحتاج شوية صدق مع النفس. الاعتدال في التعبير عن المشاعر السلبية يعني ببساطة إنك:
-
تعترف بالمشاعر لنفسك: "أنا زعلان"، "أنا متضايق من اللي صار"، "اللي قالوه جرحني"... هذا أول خطوة.
-
تختار الوقت والمكان المناسب للتعبير: لا تعصب على الناس في عز الزحمة، ولا تتهاوش مع شخص قدام ناس. خذ وقتك، وارجع له بهدوء.
-
تختار الطريقة المناسبة: بدل ما تصرخ، قل: "اللي صار مضايقني"، "ودي أتكلم معك عن شي مضايقني شوي". الأسلوب الهادي يفتح القلوب.
-
تركّز على شعورك، مو لوم الطرف الثاني: لا تقول "أنت دايم تسوي كذا!"، قل "أنا حسيت بالإهمال لما صار كذا". فرّق بين الشخص وبين تصرفه.
لا تصير بركان ساكت.. ولا إعصار مدمّر
بعض الناس يظنون إنهم أقوياء لما ما يعبّرون عن مشاعرهم، ويكبتون كل شيء بداخلهم. لكن ترا الكتمان الزايد مو قوة، هو قنبلة موقوتة. يجي يوم تنفجر في أبسط موقف، وتضيع علاقتك بأقرب الناس لك.
وفي المقابل، فيه ناس تتعامل مع المشاعر السلبية كأنها سلاح، وتستخدمها للهجوم أو الابتزاز العاطفي. وهذا أسوأ، لأنه يخلي الناس تنفر منك حتى لو كنت على حق.
الزبدة؟ لا تصير بركان ساكت، ولا إعصار مدمّر. كن مثل النسيم اللي يمرّ ويخلّي أثره بدون ما يكسّر شي.
المشاعر السلبية ما تبغى "حل"، تبغى "احتواء"
واحدة من أكبر الأخطاء اللي نسويها لما أحد يعبر عن زعله، إننا نحاول نصحّح له شعوره. نقول له: "لا تزعل"، "كبّر راسك"، "انسَ الموضوع". بس ترى أحيانًا، الشخص ما يبغى حل، هو بس يبغى أحد يسمعه ويقول له: "أنا حاس فيك، وزعلك مبرر".
نفس الشي مع نفسك. لا تأنب نفسك على الشعور، ولا تحاول تقنع نفسك إنك لازم تكون دايمًا مبسوط. أعطِ نفسك مساحة للشعور، وبعدها تكلّم مع نفسك كأنك تواسي صديق: "أنا أعرف إنك تعبان، بس هذا الشعور ما راح يدوم. خذ وقتك، وبتتعدى."
والناس؟ مو كلهم مستوعبين
لا تتوقع من الكل يتفهمك أو يعرف يتعامل مع مشاعرك. بعض الناس طبعهم بارد، أو ما يعرفون يسمعون، أو يحكمون بسرعة. عشان كذا، لا تعطي مشاعرك لكل أحد. اختر الناس اللي تثق فيهم، اللي يسمعون لك بدون ما يقللون من إحساسك.
وإذا ما لقيت أحد يسمعك؟ أكتب. دفتر، نوت بالجوال، حتى رسالة ما ترسلها. بس طلع اللي فيك، ولا تخليه يتراكم.
ختامها: الاعتدال قوة، مو ضعف
في النهاية، التعبير المعتدل عن المشاعر السلبية ما هو ضعف، ولا هو تنازل، هو وعي، وذكاء عاطفي، ورغبة إنك تحافظ على نفسك وعلاقاتك. الحياة تمشي، والمواقف تروح وتجي، بس طريقة تعاملك معها هي اللي تحدد الراحة النفسية اللي تعيشها.
فـ خلك دايم قد مشاعرك، لا تخليها تكسرك، ولا تكسر فيها أحد. خلك معتدل، وخلّ قلبك مرتّب، حتى لو الدنيا مو دايم مرتبة.