جُرّعْتُ من دَهْري كُؤوسَ الْحَنْظَلِ***والْقلْب عنْ أَسْماءَ لمْ يَتَمَلْمَلِ
قدْ زاحها عنّي وساوسُ فاجرٍ***فاصْبِرْ على كيْدَ الْعِدَا وتَجَمّلِ
تخْشَى مِنَ الْمَنْأى وقدْ كانَتْ نَأَتْ***فكَأَنّ قلْبي قدْ تَهاوى مِنْ عَلِ
الآن تخْشى مِنْ جَفائي،ويْحَها***هلْ كنْتُ جافٍ لِلسّماكِ الْأَعْزَلِ؟
لمْ تُنْسِنيها زيْنبٌ أو مرْيَمٌ***أنّى أُنَسّى كوْكَبًا لمْ يَأْفُلِ؟
ولكَمْ أراقَتْ كلّ عِرْقٍ بِالنّأى***مَن ذا يُداوي مِنْ جُروحِ الْمَقْتَلِ؟
نَضَب الْمسيلُ مِنَ المآقي بعْدما***قدْ كانَ فيها كالذي في الْمَنْهَلِ
كانتْ إذا رُمْتُ الْوِصالَ صَبابةً***بَعثَتْ بِعُذْرٍ فيهِ بُعْدُ الْمَنْزِلِ
لا تُنْكِري ما كان مِنّي منْ جدًا***ليْسَ النّكورُ لدَى الْوَرى بِمُبَجَّلِ
أفَلا نصَرْتِ مُهانَ دهْرٍ مُنْكَرٍ***فإذا أشَقَّ عليْكِ نَصْري،فاعْدِلي
فَلكَمْ عضَضْتُ عليْكَ يا بدْرَ الدُّنى***بالنّاجِذاتِ مَخافةً أنْ تنْجَلي
ولَقدْ تَحَمّلْتُ الْهَوى بِمَذَلّةٍ***وَجَفاءُ منْ قدْ رُمْتُ لمْ أَتَحَمَّلِ
فَانْظرْ إلى مَنْ بِتُّ أُعْلي قَدْرهُ***وَانْظرْ إلى قدْري بهِ لمْ يعْتَلِ
قدْ كان يَعْلو لوْ أرادَ لهُ الْعُلا***لَكنّهُ أهْوى بهِ في أسْفَلِ
صافيْتُهُ ولَهُ قدْ صفَوْتُ وَلَيْتهُ***صافى بدَهْرٍ لسْتُ فيهِ بمُجْلَلِ
هيّجْتَ ذِكْر الْخِلّ يا سِرْب الْقَطا***لمّا تحَمّلْتَ الْعَنا فِي الْمَرْحَلِ
أذْكَرْتَني يوْمَ الرّحيلِ رَحيلَ مَنْ***قدْ صَيّرَتْني فِي الْهَوى كَالْمُذْلَلِ
يا نائِحاتٍ نُحْنَ في دارٍ خلَتْ***مِنْ نَيّرٍ كَالْبَدْرِ لِلْمُتَأَمِّلِ
مَا النّوْحُ عنْ منْ قدْ ترَدَّى أوْ قضَى***نُوحي علَى دارٍ خَلَتْ مِنْ مَأْمَلِي
ما بي جُنونٌ أوْ ضَلالٌ غيْرَ مَا***قدْ كانَ مِنْ حُبِّي لِذَاكَ الْمَعْقِلِ
يا ليْت شِعْري مالِ أسْما قدْ أغْفَلَتْ***نِي،ثُمّ تزْعُمُ أنّها لمْ تَغْفَلِي
شُغِلتْ بقِرْطاسٍ لتَبْلُغَ قصْدَها***هيْهاتَ،إلّا أنْ يشا رَبُّ الْألِي
فاصْبِرْ وحارِبْ حادِثاتِ دنيّةٍ***لمْ نُسْقَ منْها غيْرَ مُرٍّ مُهْوِلِ
دعْ عنْكَ قوْلَ الْحاسِدينَ فإِنّهُ***لم يَخْلُ سامٍ مِنْ مقَالِ الْعُذّلِ
منْ لمْ يُغادِرْ دارهُ بمَحاسِدٍ***فكأنّما منْ بابِها لمْ يَدْخُلِ
وترى أخاكَ يَشُحُّ عنْكَ بِبَسْمَةٍ***وَترَى الْغريبَ بروحِهِ لمْ يبْخَلِ
لا تُعْطِ نُصْحًا منْ بِلاهُ قدِ اغْتَنَى***أتُريدُ أنْ تُعْطِ الذي لمْ يسْأَلِ؟
اِحْذَرْ صنيعَ الْخَيْرِ دونَ مَقامِهِ***فتَعِشْ على غيْظِ الْعطاءِ وَتَثْكَلِ
إلّا إذا كانَ العَطاءُ محاسِنَكْ***فابْسُطْ يديْكَ لكلِّ ساعٍ مُبْهَلِ
ما لِلْعَزيزِ مِنَ الدّوامِ الْآبِدِ***هذا زماني قدْ هوَى بالجَحْفَلِ
لسْتُ الذي يَحْني انْحِناءَ الْخَاضِعِ***أسفًا على غدْرِ الزّمانِ الْجَعْثَلِ
عَظُمتْ ذُنوبُكَ وَالْإلهُ مُراقِبٌ***فارْجِعْ إليْهِ بِتَوْبةٍ وَتَبَتَّلِ
ما نَكْبَتي إلّا بِجُرْمٍ نِلْتُهُ***ما نفْعُ قوْلي ليْتَني لمْ أفْعَلِ؟