أصابَ الشّوقُ قلْبي،والصّبيبُ***مِنَ الْمَنْأى قدَ اشْجاهُ الْحَبيبُ
أيا راجٍ وِصالًا منْ نَكوثٍ***تَجلّدْ ليْس لِلْهاوي طَبيبُ
وخلِّ خُزَعْبَلاتِ الْكِبْرِ وَاسْعهْ***فليْسَ لنا مِنَ السَّعْيِ الْهُروبُ
وإنْ نقَضَ الْعُهودَ ورَامَ نَفْسَهْ***وَمنْ يصْفُو،وللدّنيا نيُوبُ؟
إذا جنّ الدُّجَى أنْزَفتُ دمْعي***لأبْكِي ما سَباهُ ليَ الغصُوبُ
عُيونٌ ذاتُ حوْرٍ مُسْتَبينٍ***لها تحْني وَتَخْتَفِق القُلوبُ
وشَعْرٌ كالدّجى إنْ غابَ ضَوْؤُهْ***وَثغرٌ كَالْهلالِ إذا يَكوبُ
وفي الْمَحْبوبِ نالتْني الرّزَايا***وَودّعَني الصِّبا وثَوى المشيبُ
وفيه بدوْتُ مَجْنونًا،وَنِلْتُ***مِنَ الذّلّ كِفْلا،وَنَأى القريبُ
ولسْتُ لهُ بِأَصْيَدَ إِنْ تصَيّدْ***فلَيْسَ لِحُسْنِهِ فِينا نسيبُ
ولَسْتُ لهُ بِمُرْدٍ إنْ رَداني***ولسْتُ لهُ مُعاتِبًا أنّى يسيبُ
وكمْ قدْ تُبْتُ عنْ حاجٍ مُنِعْتُهْ***فمالي عنْ هَجيري لا أتوبُ؟
أنوبُ عليْهِ في أيّام نحْسِهْ***وَفي أيّام نحْسي لا ينوبُ
وكنت له ملاذا يحتمي بهْ***وعنْدَ الفَقْر لمْ أرَهُ يُجيبُ
حلُمْتُ عنِ الْوَرى حتّى تَغالوْاْ***وليْسَ يضيعُ منْ أمْسى يطيبُ
وَلوْلا أنْ أَقامَ اللهُ كسْرِي***لأضْحى حاسِدي منّي يعيبُ
سلوْتُ عَنِ الْوَرى لمّا تَعاموْاْ***وعَنْ إعْمائهِمْ يَسْلُو اللّبيبُ
ومنْ لمْ يُرْضِهِ مِنّي شُروقٌ***سيَبْكيني إذا حَلّ الْمغيبُ
تَعيبنيَ الْعِدا أنْ حُزْتُ ندْبًا***وليْسَ تُعابُ في البدْرُ النّدوبُ
ولوْلا أنْ أزِلّ الرُّشدَ حِينًا***لَخالوني إلَهًا لا أحوبُ
عُيوبي لِلْوَرى تُحْكى فتَشْفي***وليس تجيئني لهُمْ عُيوبُ
كأنّي مِلْتُ عنْ عفْوِ الْإلهِ***وليْس تنالُهُمْ بغْيًا ذُنوبُ
وقدْ حُمّلتْ ذنْبًا لوْ حوَتْهُ***جِبالُ الْكوْنِ أرْداهَا النحيبُ
ورُبّ مُصيبَةٍ تبْدو عَداها***فليْستْ كلُّ منْ حلّتْ تُصيبُ
ولسْتُ بجازعٍ إنْ زال مالي***وهلْ للمال في الفُضْلى نصيبُ؟
ومَا الفُضْلى الظُّهورُ على الذّئابِ***ولكِنْ أنْ تَفِي وَالغَيْرُ ذيبُ
ولستُ أرى زوالَ الْمالِ عيْبًا***فمَهْما تحْرِصَنْ،حتْمٌا يؤوبُ
وكلٌّ لا مَحالةَ مُسْتبادٌ***ويبْقى وجْهُهُ،جلّ الحسيبُ
أساءلكُم أَخابَ فتًى دَعاهُ؟***ألا فلْتَدعُ وَانْظُر هل تخيبُ
وأخْتِمُ بالصّلاةِ على الرّسولِ***هُوَ الْمَرجُوُّ،والنّورُ العبيبُ